حاولت بعض الدراسات الحديثة تحليل ظاهرة يهود البلاط وإبراز تجذرها التاريخي ولجوء عموم السلاطين إليهم منذ القرن الثالث عشر، حيث نجد أطروحة “نيكول سرفاتي”، والتي قدمت حالات محددة ليهود البلاط ودورهم في مجال تدبير علاقات المغرب مع الدول الأوروبية، وإلى جانب ذلك دورهم في حماية الطائفة وجلب بعض الامتيازات لها. ومن هذه الحالات جوزيف ميمران والذي كان مستشارا للسلطان المولى إسماعيل طيلة الفترة الممتدة من 1683-1672، وفي نفس الوقت كان رئيس الطائفة اليهودية بالمغرب (شيخ اليهود)، ونفس الشيء بالنسبة لابنه إبراهام ميمران الذي كان هو الآخر دبلوماسيا ومستشارا ومديرا للأعمال التجارية (1722-1683)، ولعب أدوارا في علاقات المغرب مع فرنسا والبرتغال وهولندا .
ويضاف الى هؤلاء بعض اليهود الذين كانت تستعين بهم الدول الاوربية لتسيير علاقاتها في المغرب ومن امثلتهم االيهودي إبراهيم قرقوش الذي عين عام 1862 قنصلاً للولايات المتحدة في إحدى مدن المغرب حيث نجح بفضل علاقته بالسلطان في تسهيل مهمة موسى مونتفيوري أثناء زيارته للمغرب . والمعروف ان مونتفيوري الذي كان مهتما بأوضاع الجماعات اليهودية في شرق أوربا والعالم العربي، فزار روسيا عامي 1846 و1872 لبحث حالتهم مع الحكومة القيصرية، كما زار المـغرب عـام 1863 ورومانيا عام 1867 للغرض نفسه. ويضاف الى هؤلاء كثير من اليهود الذين تولوا مناصب حساسة في المغرب حتى هذه اللحظه وقدموا خدمات كبيره لليهود المغاربه وفي مرحلة لاحقة وسهلوا وجود علاقات مع اسرائيل وساهموا في عمليات الهجره الى اسرائيل.
الاستعمار والجماعه الوظيفية والحماية القنصلية
حاول الاستعمار الغربي في العالم العربي استقطاب أعضاء الأقليات الدينية والإثنية، وتحويلهم إلى جماعات وظيفية عميلة تدين له بالولاء عن طريق التوسع باستخدام نظام الحماية القنصلية، حيث كانت هذه العملية مُكمِّلة للاستعمار الاستيطاني الغربي، حيث نجح الاستعمار نجاحاً كبيراً حتى أن معظم يهود العالم العربي، عند إنشاء الدولة الصهيونية، كانوا قد أصبحوا (ثقافياً واقتصادياً) جزءاً من التشكيل الاستعماري الغربي، وحصلت أعداد كبيرة منهم على الجنسيات الأوربية أي أنهم تحولوا إلى جماعة وظيفية عميلة، ومن ثم كان من السهل عليهم الهجرة والانضمام إلى الدولة الوظيفية الاستيطانية الصهيونية.
وفي المغرب شكل نظام الحماية القنصلية الخطوة الأولى للتغلغل الاستعماري، ولهذا اعتبره البعض نوعا من الحماية بالتقسيط مهدت لنظام الحماية الاستعماري في 1912. حيث تعود جذوره إلى سنة 1763 وكان يظم أربع طبقات بدءا من المحمي وانتهاءا بالمتجنس، مرورا بالمخالط والسمسار. وقد تكالبت الدول الأجنبية على استغلال نظام الحماية القنصلية لبسط نفوذها متوسلة في ذلك بالعنصر اليهودي في المجتمع المغربي، وعلى سبيل المثال في سنة 1872 كان كل يهود المغرب العربي رعايا اميركيين بالمغرب . وقد أفرز توسع لجوء المغاربة إلى التجنس الأجنبي إلى “ارتفاع عدد المتمردين على السلطة الشرعية حيث مثل اليهود الفئة الرئيسية المنخرطة بكثافة في نظام الحماية وقدمت القوى الأجنبية نفسها بمثابة مخلص لليهود من الاضطهاد والمعاناة والعبودية ومن نظام أهل الذمة آلذي كان يدعو له بعض شيوخ الطوائف..
محمد الخامس..
تربع الملك محمد الخامس على العرش في 18 نوفمبر عام 1927، وهو في الثامنة عشرة من عمره، حيث كان المغرب يخضع لنوع من الحماية, جعل اراضيه تحت سيطرة فرنسا واسبانيا حيث اجبر الملك على قبول معاهدة الحماية في 1912، ولكن ما بين 1920 الى 1927 قامت ثورة الريف بقيادة الأمير محمد عبد الكريم الخطابي، ثم ظهر أول تنظيم سياسي مغربي، بزعامة كل من علال الفاسي والاوزاني، وهم الذين سيؤسسون لاحقا حزب الاستقلال، وفي الحرب العالمية الثانية، كانت الحركة المعارضة للحماية قد تقوت، حيث دفعت كل هذه الاحداث الى لجوء الاستعمار الفرنسي الى اليهود لخدمه اغراضه مقابل خدمة اغراض الصهيونية العالمية واهدافها ولهذا وخلال فترة الاستعمار الفرنسي سعى المستعمرين إلى ربط أعضاء الجماعات اليهودية في المغرب العربي بالثقافة الفرنسية بغرض عزلهم عن محيطهم العربي وتحويلهم إلى جماعات وظيفية وسيطة تخدم مصالحه في المنطقة…
نفوذ اليهود المغاربة على الدولة،،، يونس سالم رجوب
