قرأت خبر وفاة الفتى سليم عمر النواتي، القادم من غزة والمصاب بمرض السرطان. وقصة خروجه بتحويلة للعلاج في مستشفى النجاح، والذي رفض استقباله وادخاله المستشفى بحجة ان السلطة لم توفي بالتزامات مالية مستحقة للمستشفى.
لم اصدق الخبر للوهلة الاولى، واعتقدت مخطئا انه من الاخبار الكاذبة، والتي تهدف التشكيك اولا بقدرة مستشفياتنا على علاج مريض، وثانيا التشكيك بالسلطة وحكومتها بانها لا تدفع ديونها للمستشفيات، اعتقدت ذلك بسذاجة، ولكن الحقيقة المرة ان الفتى سليم النواتي مات فعلا بسبب رفض مستشفلى النجاح ادخاله المستشفى، فاصابني صداع كاد يوصلني لحالة احباط لا تصدق.
هل هذه فلسطين واخلاقية مستشفياتها، او البعض منها، تفضيل الربح على حساب حياة الانسان، هذا الانسان الذي يمثل ثروة وذخيرة شعبنا؟ هل خان بعض الاطباء قسم سقراط الطبي؟ ولماذا وكيف سمحت ادارة المستشفى لنفسها برفض ادخال شاب فلسطيني في مقتبل العمر للعلاج وهو يحمل معه ضمان تغطية نفقات علاجه؟ كيف سمحت لنفسها بابتزاز حياة فتى بعمر الورد، للضغط على الحكومة لدفع ديونها؟
اسئلة تحتاج لرد جدي من ادارة مستشفى النجاح، حتى وان كان مؤسسة خاصة، فحياة البشر ليست ملكا لها، وليس مقبولا وان كان صحيحا ان الحكومة لم تدفع التزاماتها فهذا عذر اقبح من ذنب. فديون الحكومة وان تاخر تسديدها ستصل عاجلا ام اجلا، ولكن حياة سليم النواتي اكبر واهم واغلى، الم يشعر احد ممن اتخذوا قرار الرفض بالخجل الانساني والعار الوطني الذي سيحل بهم؟ وما سيسجله التاريخ بحق مستشفى النجاح من خزي وعار؟
هذا الفتى الفلسطيني الواعد، والذي شهد له الجميع بتفوقه في المدرسة وبحيويته، ذهب تعبه وتعب ذويه في الحصول على تحويله للعلاج في مستشفي فلسطيني وتعبه ومعاناة السفر والحصول على تصريح من الاحتلال ومن سلطة الامر الواقع ليصل الى حيث الامل والعلاج في المستشفى، ليقضي خمسة عشر يوما في انتظار دخوله المستشفى، خمسة عشر يوما ربما كانت كافية لانقاذ حياته، ولكن …
لم اتخيل، مطلقا ، في حياتي ان يحدث هذا في بلدي في فلسطين، التي نريدها فلسطين الانسانية التي تهتم بالانسان قبل المال وقبل حسابات الربح والخسارة، قد يقول البعض انها حالة فردية، ربما، وانتشرت بسبب الوفاة، ولكن من يعلم كم من الحالات المشابه مازالت مخفية ولم يتم الافصاح عنها.
وفاة الفتى سليم النواتي ناقوس خطر، يجب ان يدق في اذان وضمير كل من يتحمل مسؤولية، كي لا تتكرر مثل هذه الحوادث المخزية. واذ نحي الدكتورة مي الكيلة وزيرة الصحة التي قامت بفتح ملف للتحقيق بالحادثة كلنا امل تعلن نتائج التحقيق وان يحاسب كل من ساهم بهذه الجريمة البشعة. وان ننفي الى الابد مقولة احد الاصدقاء “في وطني يموت الفقير غريبا ولا يشعر به أحد” .
معقول ان يحدث في فلسطين؟… كتب بسام صالح من ايطاليا
