من أين كل هذا الحزن الذي يطارد أعصابنا بمخالبه المسمومة .. كيف يستطيب لنا العيش في مكان كل ما فيه عكس المنطق .. كلما نحاول إجتياز هذه المرحلة الغارقة بالسواد القاهر والمستبد .. يسحبك مرار الصبر الى تيارات متلاطمة الأمواج فيدفعك الى مكان اكثر اغراقًا بالحسرة والجنون .. عبثًا تفتش عمّا تستدل به عن ملامحك التي كانت تضيء خطوات حنينك لغد ٍ افضل .. اين نحن من دروبنا التي سلكنا وعورتها بابتهاجٍ واشتياق ٍ .. كان الأمل يدفعنا بكل الفخر لأول الحلم الذي نسعى لتحقيق ما يمكن لنمهّد لبداية تليق بما قدّمه الشهداء .. وتكمل الأجيال من بعد دمنا المراق والذي حتمًا كان سيكتمل بالفرح .. لولا براكين العبث المتحفز لإجهاض نبض الثورة في حنين الروح وفي ذاكرة الوجدان ..يحاصرونك في كل شيء .. ويطلبون منك ان تتخذ من طيشهم شارةً للنصر وتبتسم على قهرك وجوعك وحرمانك من ابسط حقوقك في الحياة .. يطالبونك مع كل المرار الذي تحيا قساوته .. يطالبون ان تتحلى بالصبر .. حتى يكتمل رصيدهم البنكي بما يمكّن احفادهم بعد الف عام من الحياة الكريمة التي سلبوها من حياتنا ومن عمر اطفالنا .. يطلبون منك ان تتخلى عن قدميك .. وتسير مدافعًا عن طريقهم المعبّد بالدولارات .. وترفع راياتهم الغارقة بدمنا .. وتمدح إخلاصهم في قهر أمنياتنا وان ننسى عذاباتنا .. ونبتسم بانتصاراتنا الساحقة .. اين نحن .. واين نمضي .. ومن يعيدنا الى اول الدرب ..اول الحلم ..اول إنسانيتنا المهدرة ..
كيف يستطيب لنا العيش في مكان كل ما فيه عكس المنطق… خليل مكاوي
