كتب فهد جبريل ، في ذكرى يوم الارض ،،،،يوم فلسطين.

4 أبريل 2022آخر تحديث :
كتب فهد جبريل ، في ذكرى يوم الارض ،،،،يوم فلسطين.

بينما كان ابناء الشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده و خاصة في اراضي فلسطين المحتلة عام ١٩٤٨ ، يستعدون لاحياء ذكرى يوم الارض ، يوم الارض الفلسطينة، كانت الادارة الامريكية تضع اللمسات الاخيرة لعقد اجتماع ( قبر بن غوريون) و الذي ضم الى جانب وزير الخارجية الامريكي ، وزراء خارجية اربع دول ناطقة باللغة العربية هي ( مصر ، الامارات المتحدة، المغرب و البحرين ) و مضيفهم ( حارس القبر ) وزير خارجية دولة الاحتلال الاسرائيلي لبيد.
سبق هذا اللقاء المشؤوم، زيارة بروتوكولية خاطفة لمقر السلطة الفلسطينية في رام الله ، ابلغهم فيها ان الادارة الامريكية ما زالت تتذكر ان هناك ملف فلسطيني بحاجة للمتابعة لكن هناك امور اخرى طرأت على برنامج عمل الادارة اهم بكثير ، و المتعلقة بالازمة الروسية – الاوكرانية ، و امام اخفاق السلطة الفلسطينية في اتخاذ قرار ادانة للطرف الروسي و عدم قدرتها على التماشي مع الموقف و الرغبة الامريكية في هذا المجال ، فعلى الفلسطينيين الانتظار ،
انتقل الوزير الامريكي الى النقب الفلسطينية حيث اجتمع الوزراء الستة ليتشاوروا ( حسب المعلن ) في كيفية دخول هذه الدول في اليات تطبيق السياسة الامريكية المستحدثة و الطارئة في الاقليم نتيجة التطورات الاخيرة على الساحة الدولية و في مقدمتها الازمة الروسية – الاوكرانية و الملف الايراني الذي اصبح قاب قوسين او ادنى من الاتفاق و التوقيع النهائي،
جميع من تابع هذا الحدث الذي اطلقت علية دولة الاحتلال (اجتماع قمة ) ، من محللين و سياسيين و اعلاميين و غيرهم كل حسب مؤسسته التي يتبع لها، كل منهم سارع الى اطلاق التصريحات المعتمدة باغلبيتها على التصريحات المقتضبة التي اطلقها بعض الوزراء المشاركين في الاجتماع ، او الاخبار و المعلومات التي قامت بعض الدوائر الاسرائيلية بتسريبها لاهداف معلومة لنا جميعا.
من الواضح ان معظم هذه التحليلات و المقالات تحدثت عن عنوان واحد للاجتماع و هو ( رغبة هذه الدول في تشكيل حلف اقليمي امني – عسكري و ربما اقتصادي ايضا )، لمواجهة الخطر الايراني و تبعيات توقيع الاتفاق الامريكي – الايراني،
بل ان بعض المحللين بالغ في التفاعل مع الحدث ( الاجتماع) للترويج الى فكرة ان اسرائيل اجبرت الادارة الامريكية على المشاركة في هذا الاجتماع بالتنسيق مع هذه الدول المشاركة من اجل الاستماع الى هموم هذه الدول و مخاوفها الامنية من جراء سياسة اهمال الادارة الامريكية لحلفائها في الاقليم ، و حاول بعض المحللين الصهاينة اظاهار ( اسرائيل ) بالدولة الوحيدة الحريصة على امن هذه الدول ، و الوحيدة القادرة على تأمين هذه الحماية ، لنجد انفسنا مرة اخرى امام هذه الصورة الجيوسياسة النمطية الساذجة بان دولة الاحتلال هي من يقرر السياسة الامريكية، و هي من يقرر عقد هكذا اجتماع .
هنا وقبل الحديث عن اسباب و اهداف هذه الدول من المشاركة بهذا الاجتماع ، يمكن الاشارة الى ضرورة قلب الصورة الجيوسياسية و النظر من زاوية صحيحة كيف تجري الامور في الاقليم ، و ماذا تريد امريكا من هذا الاجتماع.
بداية يجب التأكيد هنا على ان صاحب فكرة الاجتماع و الداعي له هو الادارة الامريكية عبر وزير خارجيتها و ليس وزير خارجية دولة الاحتلال، حيث كان وزير خارجية امريكا سابقا مضطرا الى السفر في جولة مكوكية الى جميع عواصم هذه الدول للنقاش و التفاوض على ذات جدول الاعمال و ذات النقاط، اما الان و بعد خلعت الدول الناطقة بالعربية ثوب الحياء و اصبحت اللقاءات العلنية مع ممثلي دولة الاحتلال الاسرائيلي و على الارض الفلسطينية المحتلة ، اصبح من الايسر له ان يجمعهم في مكان واحد و التحدث لهم مرة واحدة و في وقت واحد ، خاصة و ان اغلبهم يأتي لاخذ التعليمات و ليس التفاوض ، فهم وزراء دون صلاحيات حتى في وزاراتهم نفسها ، فما بالك اذا كان الاجتماع مع وزير خارجية الادارة الامريكية .
المسألة الوحيدة التي يجدر الاشارة لها هنا هي اختيار مكان اللقاء ، فقد رغب البيت الابيض التأكيد على الدور المحوري لدولة الاحتلال كوكيل رسمي و معتمد له في تنفيذ البرامج و الخطط في الاقليم ، و محاولة لبث قوة جديدة لتحالف بينت – لبيد الهش و المهدد في كل لحظة بالانهيار من جديد امام اي هزات امنية او عسكرية في المنطقة.
ماذا ارادت الادارة الامريكية من هذا الاجتماع ؟
الاجتماع عقد و لم يصدر عنه بيان عام او توقيع اتفاقيات جديدة لان ما هو مطروح على جدول الاعمال الامريكي النقاط التالية :
١- رغبة الادارة الامريكية من خلال وزير خارجيتها في استكشاف امكانية و واقعية المقترحات المختلفة لتزويد اوروبا بمصادر طاقة ( نفط و غاز) بديلين عن المصادر الروسية و دراسة امكانية كل دولة من هذه الدول للمساهمة في تنفيذ هذه الاقتراحات و تحويلها الى خطط ملموسة على غرار المقترح التركي – الاسرائيلي بتزويد جنوب اوروبا بالغاز الطبيعي عبر انبوب غاز يمتد عبر الاراضي التركية ، او انبوب النفط المزمع مده من الامارات الى الموانئ على البحر الابيض المتوسط.
ان زيارة الوزير الامريكي لاحقا للجزائر و المغرب جائت لتأكد الاهمية القصوى لهذه القضية على جدول اعمال الادارة الامريكية ، بل انها احد الاسباب الرئيسية التي دفعت امريكا للتعجيل في انهاء المفاوضات مع الجمهورية الايرانية، على امل ان تقوم ايران بزيادة ضخ كميات البترول في السوق العالمي مما يؤدي الى تخفيض اسعار النفط العالمية، و امكانية الاستفادة من الغاز الايراني عبر بيعه للسوق الاوروبي .
ان المعركة التي تقودها امريكا اليوم في مواجهة روسيا و منعها من تقويض وضعية القطب الواحد الامريكية، لتحتل الاولوية المطلقة لدى البيت الابيض في هذه الفترة ، فامريكا تعتبر هذه المواجهة مسألة حياة او موت لنظام الهيمنة الامريكية
٢- عمل الادارة الامريكية علىضمان ضبط ايقاع هذه الدول ( الحليفة ) في المنطقة مع ايقاع الادارة الامريكية و بما يتماشى مع سياستها تجاه المواجهة مع روسيا و حلفائها بمن فيهم العملاق الصيني، و التأكيد على حاجة امريكا و حلفائها الاوروبيين على انصياع هذه الدول للموقف الامريكي ، فلا مجال هنا للخطأ او الاجتهاد الفردي او التحليق خارج السرب، و في مقدمة هذه السياسات ما بتعلق بالعقوبات الامريكية – الاوروبية – الدولية على روسيا.
٣- التأكيد مرة اخرى على قرار الادارة الامريكية حسب برنامج اولوياتها فيما يتعلق بالملف الايراني، و هو المضي قدما نحو توقيع الاتفاق النووي مع الجمهورية الايرانية ، و ضرروة ان تكون هذه الدول مستعدة للتعامل مع انعكاسات توقيع هذا الاتفاق ، مع تأكيد الادارة الامريكية على التزامها بالدفاع عن هذه الدول الرافضة لتوقيع هذا الاتفاق او لبعض بنوده ، و استعداد امريكا الدائم للدفاع عن هذه الدول و ضمان امنها عبر كافة السبل المتاحة.
من الواضح ايضا ان بعض الاطراف المشاركة في هذا اللقاء له اهدفه الخاصة و اسبابه الداخلية ، فالوزير المصري سارع في اليوم التالي من عقد الاجتماع و من مقره في القاهرة الى الاعلان ان الاجتماع لا يهدف الى تأسيس حلف ضد ايران و ان مصر غير معنية بهكذا حلف، اما المشاركة المغربية فليس لها مبرر بالمعنى الجيو سياسي ، لسببين ، اولا ان المغرب ليست على تماس مع الملف الايراني و انعكاساته و ثانيهما ان جولة وزير الخارجية الامريكي تشتمل زيارة المغرب فورا بعد هذا الاجتماع ، و هذا ما حصل فعلا في الايام التالية.
اما دولة الاحتلال ، فقد حاول وزير خارجيتها الاستفادة من المناسبة و توظيف المكان و الزمان و المشاركين لخدمة الائتلاف الحكومي الاسرائيلي الهش و تحويله الى نصر عبر الترويج ان اللقاء انعقد و انتهى دون طرح الملف الفلسطيني على الطاولة و بمشاركة اربع دول ناطقة باللغة العربية ، و اعتبرت دولة الاحتلال هذا ( النصر ) السياسي يتكامل مع قراراتها الاحتلالية الاخرى المتعلقة بتهميش القضية الفلسطينية في الواقع الاقليمي العربي و تحويل الملف الفلسطيني الى ملف ثانوي يتحدث عن ضرورة تحسين ظروف المعيشة اليومية لهذا الشعب المتواجد في مناطق موزعة عل مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة .
اضافة الى تحويل الحضور الاسرائيلي في الاحداث اليومية العربية الى حدث روتيني عادي حتى يعتاد المواطن العربي على وجود دولة الاحتلال و وجود مستوطنيها الصهاينة كجزء لا يتجزأ من الجغرافية السياسية في المنطقة.و لتصبح بالتالي اتفاقية ابراهام و صفقة القرن من المفردات العادية في قاموسنا اللغوي اليومي، و تصبح دولة الاحتلال، الدولة الصديقة الحريصة على أمن دول الخليج و غيرها من دول الاقليم .
بل وصل الامر في المدعو لابيد ان يطلب من الوزارء المشاركين في اللقاء عند اخذ الصور التذكارية ان يشابكوا ايديهم كأطفال المدارس بشكل يثير السخرية و القرف.
في الجهة المقابلة ، الجهة الفلسطينية ، جلست القيادة الفلسطينية ( لا استثني احدا) و السلطة و وزرائها و فريقها العرمرمي من جهابذة السياسة متفرجين على الحدث ، اقصى ما يرجوه ان يتحدث احدهم في الاجتماع عن حاجة الملف الفلسطيني للمتابعة و اعادة النظر و الاهتمام.
لقد عبر موقف السلطة و قيادتها و قيادة الفصائل من اقصى يسارها الى اقصى يمينها مرورا بمن راهن على الامتداد الاقليمي كالمحور التركي او او غيره ، لقد عبر موقفهم عن ارتابك سيتسي كامل ، بل افلاس سياسي كامل مع الوضع الناشئ ، و لم يتخلله الا التهديدات الفارغة التي مل منها شعبنا و حفظها عن ظهر قلب.
لقد استبدلت قيادة منظمة التحرير دورها كقائد للحركة الوطنية الفلسطينية و عملية التحرر الوطني الى سلطة مدنية ادارية لشؤون الفلسطينين في الضفة الغربية و قطاع غزة ، بل ان بعض من قياداتها يمارس دور الوسيط بين سلطات الاحتلال و افراد الشعب الفلسطيني و همهم الوحيد كيف ينجحوا هم و سلطات الاحتلال في تمضية ايام شهر رمضان في ظل التهدئة حتى لا ينفجر الوضع الفلسطيني المحتقن في وجههم قبل وجه الاحتلال ،
بل ان وزير خارجية السلطة تفتقت عبقريته عن استنتاج سياسي غير مسبوق ، و ادلى بتصريح واضح لايقبل اللبس ان تحسن العلاقات التركية – الاسرائيلية و التطبيع الاخير في العلاقات بينهم يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني و يخدم فرصة عودة المفاوضات ( العبثية) الفلسطينية – الاسرائيلية !!!!
هل بمكن ان يشرح لنا قادة السلطة الفلسطينية لماذا اذن عارضتم اتفاقيات التطبيع الخليجية مع دولة الاحتلال؟! ام ان موقفكم حينها غير حقيقي و كانت تحكمه عوامل سياسية مختلفة عن الوضع الحالي.؟
ان سلوك القيادة الفلسطينية الحالي لا يتناسب مع حجم المخاطر التي تحيق بقضيتنا الوطنية و اصبح جليا انها حاصرت نفسها سياسيا و تعيش حالة من التقوقع على الذات مكتفية بمصالحا الانية و مصالح اعضائها و مؤيديها و لم تعد تمتلك القدرة على الحركة السياسية و لو بحدودها الدنيا ، فهي قد تخلت طواعية عن قوة دفعها الذاتية الرئيسية و هو شعبها ( الشعب الفلسطيني) نفسه الذي منحها في يوم من الايام الثقة لتقوم بدورها و واجبها في الدفاع عن مصالحه فهاهي تدافع عن مصالحها الخاصية الذاتية.
لقد القت القيادة الفلسطينية ( لا استثني احدا) بارثنا الوطني و شهدائنا و اسرانا و جرحانا و عذايات التشرد و اللجوء لاكثر من نصف شعبنا في بقاع الارض مقابل بعض الامتيازات المدنية هنا و هناك.
ان شعوب الارض كافة و في المقدمة شعوبنا العربية تتغني بالفلسطيني الثائر المناضل و تعتبره النموذج و المثال في التضحية و الاباء ، و هو فعلا كذلك ، لكن من واقع الاحداث يبدو ان الجهة الوحيدة التي لا تثق بالشعب الفلسطيني ، من نصب نفسه قائدا لحركته الوطنية، ان خيارات القيادة الفلسطينية الحالية السياسية البائسة هي من اوصلها الى هذه الحال، فموقف الدول العربية المحيطة بفلسطين او البعيدة في الجوار كانت تلتزم بموقف الشعب الفلسطيني و قيادته لانه كان الموقف الاقوى الذي يفرض نفسه على المحيط و ليس العكس.
لا ادري اذا كانت القيادة الفلسطينية جاهزة او قادرة على مراجعة سياساتها و برامجها ، و لا ادري ان كانت قادرة على اتخاذ القرارات الصحيحة لاعادة البوصلة باتجاه القضية الوطنية و مصالح الشعب الفلسطيني ، لكن ما انا متأكد منه تماما و لدي ايمان مطلق به هو قوة انتماء شعبنا الفلسطيني و طاقات ابنائه في كافة اماكن تواجده و خاصة في الوطن المحتل،
لقد اثبت التجربة الفلسطينية ان شعبنا اكبر منهم و من خذلانهم و من خططهم البائسة ، فهو لم و لن يتخلى عن ثوابته و لم و لن يتوقف عن ادائه الوطني المبدع و الخلاق المليء بالتضحيات.
ان شعبنا عاصر و عايش الكثيرين من امثالهم ، لكنهم رحلوا و بقي شعبنا صامدا ثائرا وفيا للعهد و الارض ، ارض فلسطين ،
و بقيةهذا الشعب عصي على الكسر و التطويع و التطبيع ، لذا ننصح من يشكك في هذه الحقيقة ان يعيد قراءة التاريخ الفلسطيني مرة اخرى ، او ان يجالس اطفال وفتية فلسطين الذين لم يتجاوزوا العاشرة من اعمارهم عله يتعلم منهم مرة اخرى معنى الشهادة، معنى الانتماء للارض والوطن.

عاجل
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لمنحك أفضل تجربة ممكنة.
موافق