بقلم : عماد خالد رحمة
بعد مضي عام ونيف على ظهور فيروس كوفيد 19 ( كورونا ) أواخر عام 2020 م ، وبعد الكميات الهائلة من المعلومات التي وصلت إلى ملايين بل مليارات الكلمات والعبارات والنصائح والقبول والرفض حول الفيروس. اعتقد كثيرون أنَّ هذا الفيروس سيصبح جزءاً من الماضي بخاصة بعد اختراع اللقاحات المتعددة المصادر. بعد أن فتك الفيروس بحياة أكثر من خمسة ملايين إنسان، وأصاب نحو 270 مليوناً، قد يصبح جزءاً من الماضي،جراء الجهود العالمية المبذولة في مكافحته، وتعدد اللقاحات التي طرحتها المختبرات، وأنتجتها شركات الأدوية والتي كلفت مليارات الدولارات . فإذا بمتحور جديد لفيروس كوفيد 19 (كورونا) أطلق عليه اسم الفيروس المتحوِّل (أوميكرون) يظهر فجأة، ويترك العالم في حالة من الاضطراب والقلق والخوف من جديد،حيث تعاد الكرّة مرة أخرى في حالة تحوّل الفيروس . فقد وردنا الكثير عن الفيروس المتحول الهندي. واليوم تعاد تلك الأجواء القاتمة التي أجبرت البشرية على تغيير نمط حياتها وسلوكها ، بعدما ضرب الاقتصاد العالمي في مقتل، وشلَّ عصب الحياة الإنسانية والفكرية والقافية والمعرفية .كما شل التواصل بين الدول التي أغلقت منافذها الجوية والبرية والبحرية، وأجبر البشر على التباعد، وبات العمل عبر الإنترنت ومشتقاته من زوم وبرامج أخرى. وارتفعت مستويات الفقر والبطالة إلى مستويات قياسية لم تكن معهود في التاريخ القريب .
لقد تواردت الأنباء متلاحقة حول الفيروس المتحوِّر الجديد الذي يقال إن مصدره بعض الدول في جنوب القارة الإفريقية وعمقها ، وهذا الفيروس ليس مثل المتحورات السابقة مثل فيروس (ألفا) وفيروس (دلتا)، بل هو متحوّر له خصائص ومميزات غير معروفة من قبل لدى الجهات الصحية العالمية والمختبرات الجرومية الشهيرة في العالم ، ومن ميزاته الخطيرة أنَّ هذا الفيروس المتحوِّر عصّي على اللقاحات العالمية المكتسفة والمتداولة، وهنا مكمن خطورته إذا ما صحت المعلومات العلمية المتداولة بشأنه وبخصائصه وقدرته على الحوّل والتحوّر، أي أنه حتى الآن خارج السيطرة الطبية ، وخارج سيطرة منظمة الصحة العالمية ، ويحتاج العلماء المتخصصين في مجال البح الجرثومي إلى وقت للتعرف إليه أكثر، وإيجاد اللقاحات المناسبة لاحتوائه وإنتاجها وتوزيعها وطلب من البشر أخذ هذا اللقاح بغض النظر عن اللقاحات السابقة التي تناولوها .وهكذا، يعود العالم من جديد إلى المربع الأول، أي إلى حالة القلق والاضطراب والفوضى ، والإجراءات الاحترازية والعزل ومزيد من الخسائر البشرية والاقتصادية، وفرض القيود على التنقل والسفر.
إنَّ حالة القلق العارمة التي اجتاحت الدول والحكومات والشعةب وحتى المؤسسات الصحية العالمية نحد أنَّ خبراء منظمة الصحة العالمية الذين أطلقوا الاسم الجديد على الفيروس المتحور(أوميكرون)، أعربوا صراحةً عن قلقهم الكبير جراء انتشارالفيروس السريع في جنوب القارة الإفريقية، ونصحوا كافة الدول والحكومات والشعوب في العالم بتقييد السفر بانتظار معرفة قابلية انتشاره السريع ، وهو ما دفع العديد من دول العالم، إلى المبادرة بتعليق دخول المسافرين من جنوب إفريقيا وناميبيا وليسوتو وإسواتني وزيمبابوي وبوتسوانا وموزمبيق إلى دول الاتحاد الأوروبي والعديد من دول العالم كإجراء احتياطي لمواجهة تداعيات هذا المتحور الخطير، وفي هذا السياق المحموم قال السيد ديفيد نابارو المبعوث الخاص لمنظمة الصحة العالمية بشأن كوفيد 19 (كورونا) إنه علينا من الصواب أن نقلق وأن نشعر بحالة الإرباك التي نعيشها .. سأخبركم لماذا. إنّ هذا الفيروس لديه قدرة أكبر من أي نوع من الفيروسات على الإفلات من الدفاعات التي بنتها أجسادنا نتيجة التطعيمات التي تلقيناها منذ بداية العام.بالتأكيد هذا كلام خطير جداً يسمع من مسؤول كبير في منظمة الصحة العالمية المبعوث الخاص بكورونا .
بعد كل المعاناة التي عاشها العالم خلال ما يقرب العامين من ظهور فيروس كوفيد 19 ( كورونا ) سيعيش العالم حالة جديدة من هذا القهر والألم ومن حق العالم أن يقلق إذاً، لأن السلالة الجديدة من فيروس كوفيد 19 كورونا (أوميكرون) تحتوي على ما يسمى (بروتين سبايك)، وهو مختلف تماماً عن البروتين الموجود في فيروس كورونا الأصلي. ووفق العلماء والمتخصصين في مجال البحث الجرثومي، فإن للمتحور الجديد(أوميكرون) مجموعة من الطفرات التي تثير القلق الحقيقي، لأنها يمكن أن تساعدها بقوة على تجنب الاستجابة المناعية للجسم البشري وتجعلها أكثر قابلية للانتقال بسرعة مذهلة .
لهذه الأسباب وغيرها ما زالت مبهمة وغير واضحة بدأت دول العالم تتخذ الإجراءات اللازمة لمنع وصول المتحور الجديد(أوميكرون) إليها بانتظار معرفة المزيد عنه وعن خصاصه وميزاته وخطورته الكبيرة جداً، حيث حظر الكثير من الدول السفر إلى المناطق الموبوءة بالفيروس الجديد (أوميكرون)، وكذلك الرحلات القادمة منها، كإجراء احترازي.
في الختام لا بدَّ من الشعور بالقلق. ومن حق العالم أن يقلق ويضطرب ويتخذ ما يلزم من إجراءات احترازية، هذه الإجراءات لا تقتصر على التباعد فقط نتيجة الغموض الذي يكتنف العالم بأجمعه ، لكن هناك مطالبة للدول والحكومات والشعوب أن لا تصاب بالذعر والهلع ، وتبقى اللقاحات والتوعية والإجراءات الوقائية هي الحل الأقوى والأفضل لتجاوز هذا الوباء الخطير حتى يتمكن العالم من العمل الجماعي على هزيمة هذا الفيروس المتحوِّر (أوميكرون).
المصدر .: وكالات فرنسية .. ومواقع إلكترونية .