فايروس كورونا الحربائي ومنافسات شركات العقاقير الطبية ،، بقلم : عماد خالد رحمة

12 نوفمبر 2021آخر تحديث :
فايروس كورونا الحربائي ومنافسات شركات العقاقير الطبية ،، بقلم : عماد خالد رحمة

لم تتوقف الخسائر الاقتصادية والمالية في معظم دول العالم عن التوقف جراء جائحة كوفيد 19 (كورونا).فقد تم إنفاق الترليونات من الدولارات على مكافحة فيروس كورونا .ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية قبل أيام أن أقرَّت حزمة التحفيز التي تبلغ نحو تريليون وتسعمائة مليون دولار، على الرغم من معارضة الجمهوريين الذين رأوا أنها تكلفة باهظة. ومع توزيع هذه الحزمة على المواطنين الأمريكيين، يرتفع إجمالي الإنفاق الفيدرالي في الولايات المتحدة الأمريكية على فيروس كورونا إلى 6 تريليونات دولار، وهي بالمعنى الاقتصادي خسائر فادحة ، فلولا وجود الفيروس لخصصت تلك الأموال لأمور أخرى.
الواضح تماماً أنَّ المعركة ضد فيروس كورونا أبعد ما تكون عن النهاية، مما يعني أنّ إنفاق المزيد من تريليونات أخرى خلال العام الجاري أمر وارد للغاية وهذا جاء بعد دراساتٍ وإحصاءاتٍ معقّدة . ومن المعروف أنَّ الرئيس الأمريكي جوبايدن يخطط أيضا لتخصيص مبلغ ضخم يصل إلى أربع تريليونات دولار للإنفاق على مدار العقد المقبل لتطوير البنية التحتية في الولايات المتحدة، وشبكات الطاقة الضرورية وغيرها من الاحتياجات الخاصة بالمواطنين الأمريكيين. لكن هذا المشروع الذي يتبناه الرئيس الأمريكي جو بايدن يواجه بمعارضة وانتقادات حادّة خصوصا من أعضاء الحزب الجمهوري، حيث يقولون إنّ هذه أموال هائلة جداً، ويمثل إنفاقها تجاوزاً خطيراً، وقد تثقل كاهل الحكومة الأمريكية بديون لا يمكن السيطرة عليها، معتبرين أنّ إدارته تستعرض عضلاتها المالية بشكلٍ غير منطقي، في أمر سيدفع الأمريكيون ثمنه لاحقا.
لقد تسابقت العديد من مراكز الدراسات والأبحاث لمقارنة نفقات الولايات المتحدة الأمريكية على فيروس كوفيد 19 كورونا ،وعلى الحروب الطاحنة التي خاضتها طيلة تاريخها السياسي ،مع حساب معدَّل التضخم . فتبين مثلا أنّ الولايات المتحدة أنفقت أربع تريليونات دولار في الحرب العالمية الثانية، وثلاثمائة مليار دولار في الحرب العالمية الأولى والحرب الكورية (1950-1953) .وبلغت إجمالي نفقات الحرب على فيتنام 738 مليار دولار، أما تكلفة الحرب على أفغانستان والعراق منذ عام 2001م، فقد بلغت 2 تريليون وثلاثمائة مليون دولار.
وفي المجمل، فقد أنفقت الولايات المتحدة الأمريكية نحو 7 تريليون وتسعمائة مليون دولار منذ بداية الحرب العالمية الأولى، فيما أنفقت من جراء جائحة فيروس كوفيد 19 كورونا نحو 6 تريليونات دولار. وهذا الرقم قابل للارتفاع وتخطي أرقام نفقات حروب القرن العشرين الماضي.وبالطبع فإنَّ رحى الحرب على فيروس كورونا ما زالت دائرة من دون هزيمته، فهذا الفيروس كالحرباء التي تغير لونها وشكلها وتتحوَّر بين فترة وأخرى طبقاً للوسط التي تكون فيه . فقد بدأت كبرى شركات إنتاج اللقاحات حملة لإقناع السلطات الصحية في الولايات المتحدة الأمريكية بجرعةٍ ثالثة من اللقاح ،وربما هناك جرعة رابعة أيضاً، وبدأت عملية التطعيم ضد الفيروس المتحوّل تشمل الأطفال بين مؤيد وبين معارض. وتم فرض التطعيم على الموظفين الرسميين في كثير من بلدان العالم.
إذاً فالمعركة الدائرة على أشدّها حالياً هي معركة تجارية طبية أيضاً، إذ حققت الشركات الغربية المنتجة للقاحات أكثر من 100 مليار دولار حتى الآن، وتتوقع أن تحقق أرباحاً أخرى تصل إلى عشرات المليارات الأخرى هذا العام، بينما لا تظهر أرباح الشركات الصينية والروسية.
الجدير بالذكر أنَّ بعض الشركات مثل شركتي (فايزر) و(ميريك) لإنتاج العقاقير الطبية انتقلت إلى التجارب السريرية على أقراص جافة تؤخذ عن طريق الفم لمقاومة فيروس كوفيد 19 كورونا وتحوراته ومنع انتشاره، وهي طريقة تجارية جديدة اعتبرت بمثابة بدعة علمية قد تحقق أرباحاً أكبر من اللقاح، لأنَّ القرص الجاف يجب أن يتناوله المريض أكثر من مرّة، لأنه يقلل من احتمال وفاته بنسبة كبيرة تصل إلى 90%،ـ حسب تصريحات الشركتين ـ كما يقلل من نسبة نقل المرضى إلى المستشفيات واستخدام غرف التنفس والعناية المشدّدة عالية التكلفة ، طبقاً لما أعلنته الشركتان، أما الرئيس الأمريكي جو بايدن فقد أشاد باللقاح الجديد (الأقراص). لكنّ الجديد في الأقراص الجافة هو أنَّ من يقيم مع المصاب بالفيروس يجب أن يتناول القرص أيضاً حمايةً له ، بمعنى أنّ الدواء الجديد (الأقراص) يجب أن يوزّع على كل أفراد أسرة المصاب أيضاً. وقد تتفتق عقلية ومنهج الشركات المنتجة للأقراص عن ضرورة أن يأخذ جيران المصاب أيضاً الأقراص لمقاومة الفيروس المتحوِّل . والمنافسة الآن بين الشركتين الأمريكيتين (فايزر) و(ميريك) حيث سارعت المملكة المتحدة إلى إقرار استخدام أقراص (مولنوبيرافير) التي تنتجها شركة (ميريك)، وبعد ذلك أشاد الرئيس الأمريكي جو بايدن بالأقراص التي تنتجها شركة (فايزر). وقال الدكتور روبرت ديفيس رئيس مختبرات (ميرك) الطبية في بيان أنّ (العواقب القصوى لهذه الجائحة تتطلب منا التحرك بشكلٍ عاجل وغير مسبوق، وهذا ما فعلته فرقنا العلمية الطبية بتقديم طلب ترخيص لمولنوبيرافير) إلى السلطات الأميركية. حيث تساهم الأدوية المضادة للفيروسات مثل “مولنوبيرافير” عبر تقليل قدرة الفيروس على التكاثر .وبالتالي كبح المرض بشكلٍ كبير .وفاعليته قد تكون بشقين: فهو يتيح للأشخاص المصابين بفيروس كورونا المتحوّل أساساً عدم المعاناة من أعراضٍ خطيرة، ولكن أيضاً لأولئك الذين خالطوا بشكلٍ قريب شخصاً مصاباً، ألا يصابوا بالمرض نهائياً.
الجدير بالذكر أنه تم استبعاد الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة، ولا يتمتع نظام دفاع أجسامهم بالقوة الكافية، من التجارب السريرية التي استمرت طويلاً. والتي أتاحت تحديد بروتوكولات التطعيم. وقالت الطبيبة كايت أوبراين مديرة دائرة التلقيح في منظمة الصحة العالمية إنّ (التوصية التي نصدرها الآن هي إعطاء الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة جرعة إضافية) هذه الجرعة تهدف إلى رفع استجابتهم المناعية إلى مستوى الحماية المطلوب لمنع إصابتهم بأشكالٍ حادّة من المرض وتبعاته تتطلب دخول المستشفى والعناية المشدّدة، أو تتسبب في الوفاة.كما أضافت الطبيبة كايت أوبراين بقولها أن “هذه الجرعة الثالثة (من اللقاحات التي أجازتها منظمة الصحة العالمية وتتطلب جرعتين باستثناء لقاح جانسن الذي يتطلب جرعة واحدة فقط). يجب فصلها عن الجرعة الثانية بفارق شهر إلى ثلاثة أشهر.
واعتبرت لجنة خبراء من منظمة الصحة العالمية نفسها .أنّ جرعة ثالثة التي سيأخذها الأشخاص الذين تفوق أعمارهم 60 عاماً، ضرورية للمرضى الذين تلقوا اللقاحين من شركتي (سينوفارم) و(سينوفاك) الصينيتين. والجرعة الثالثة يفضل أن تكون من اللقاح نفسه ، لكن يمكن أن تعطى من لقاح آخر كما أوضحت الطبيبة كايت أوبراين مديرة دائرة التلقيح في منظمة الصحة العالمية.
وسيُعطى المرضى الذين شخصوا حديثاً بفيروس كوفيد 19 كورونا قرصين يومياً، وقال الدكتور( ساجد جاويد) وزير الصحة البريطاني إنّ هذا العلاج (سيغير قواعد اللعبة) بالنسبة لأصحاب المناعة الضعيفة ،والأكثر ضعفاً في جميع أنحاء العالم. وفي بيان له قال ساجد جاويد وزير الصحة البريطاني: (اليوم هو يوم تاريخي لبلادنا، حيث أصبحت المملكة المتحدة أول دولة في العالم توافق على مضاد للفيروسات يمكن أن يتم تناوله في المنزل).
لقد تم تصميم العقار الجديد على شكل أقراص جافة لإدخال أخطاء في الشيفرة الجينية للفيروس، ما يمنعه من الانتشار في كل أنحاء الجسم، وهو يعمل عن طريق استهداف أنزيم خاص يستخدمه الفيروس لعمل نسخ منه وهو فيروس تم وصفه بأنه فيروس (حربائي). وطلبت المملكة المتحدة توريد أربعمائة وثمانون ألف جرعة من العقار بنهاية العام الجاري2021 م.
بينما قالت شركة (فايزر) المنتجة للعقاقير الطبية إنها لم تعد تستقبل مرضى جدداً في تجاربها السريرية على العلاج بسبب الفعالية الفائقة جداً لأقراصها، وتخطط لتقديم نتائج أبحاثها إلى السلطات التنظيمية في الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على ترخيص طارئ له في أقرب وقتٍ ممكن ليتم استخدامه على نطاقٍ واسع .
لقد أكّدت اللجنة الطبية العلمية في منظمة الصحة العالمية أنَّ الأقراص الجافة المضادة للفيروسات تعمل عن طريق تقليل قدرة الفيروس على التكاثر أو التحوّل ،وبالتالي إبطاء انتتشارالمرض، وتمثل هذه العلاجات مكملاً للقاحات للحماية من فيروس كوفيد 19 كورونا.أي أن الأقراص الجافة يجب أن تواكب اللقاحات التي تم أخذها من قبل، وليست بديلاً لها. بمعنى آخر تعددت الأدوية للفيروس دون حسم نهايته والقضاء عليه نهائياً، خاصة أن الأقراص الجافة تعطى للمصاب أكثر من مرة يومياً ،وتشمل جميع أفراد عائلته، وربما جيرانه وجيران جيرانه أيضاً في المستقبل ،وكل من يقترب منه .
هذا الفيروس المصنَّع في المختبرات أنهك البشرية، وأصابها بحالةٍ من القلق وعدم الاستقرار. ودمّرها اقتصادياً ،واستنفد الطاقات المالية والطبية والعلمية لمعظم دول العالم، وبات العالم على شفير الكساد والغلاء ،والوقوع في أزمات مالية خانقة. وارتفاع سقف الديون للدول الكبرى. والاحصائيات العالمية تؤكد ذلك. ولن يتوقف الأمر على الأقراص الجافة ، فهناك محاولات لإيجاد عقار بالشم أو بخاخ ، وربما على يكون على شكل سعوط لأن خيال الشركات التجارية لصناعة العقاقير الطبية هدفها تكديس الأرباح التي لا حدود له، فكثير من العلاجات الأولية سقط في الامتحان ومنذ الأشهر الأولى. ومنها اللقاحات التي ثبت أنها مؤقتة وليست دائمة، وقد تكون الأقراص الجافة مؤقتة أيضاً ،ما يشي بلغزٍ ما زال يحيط بمصدر الفيروس الخطير وقدرته على التحوّر والتبدل بشكلٍ حربائي بين الفينة والأخرى.

المصدرالكاتب للمركز الفلسطينى الأوروبى للإعلام
عاجل
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لمنحك أفضل تجربة ممكنة.
موافق