باقةُ النَّردِين
المَلاكُ الواقِفُ بِبابِيّ يَتَراءى أَمامِيّ…
كَجَبَلٍ حَرَّكَ جَناحَيهِ فِي مُنتَصَفِ الطَّرِيق
لَيسَ بُكاءُ النَّهرِ ما يُخِيفَنِي
ولا البَيتُ القَدِيم الَّذِي كانَ هُناك
هِيّ عَيناكِ النّاعِسة تَعبُـرُنِي كاليَعاسِيب
سأُفارِقُ الوجُومَ كَتِمثالِ كيوبيد
وأُصبِحُ رَجُلًا نَبِيلًا
عَينِي بَيضاءُ بَيضاء كالطَّباشِير
سأَتَحَوَّلُ إلى مَقعَدٍ جَانِبـِي وأَبتَسِمُ للجَمِيع
الآنَ ؛ الآنَ ؛ لا شَيءَ يَرفَعُنِي
ويُسعِفُ العَلاقةَ ما بَينَ قَـمَرٍ وبِـئر
لا شَيءَ يَحمِلُنِي فوقَ كَتِفِ البَحر
هُو ذا ؛
يَومًا ما ؛ سَيأتِيَّ المُوتى مُتعَبُون ؛
مُحَمَّلُون بالحَقائِبِ والزُّهُور
وَقتَها سأَراهُم وَجهًا لِوَجه
ونَسكُنُ معًا غَزّةَ الجَدِيدة
((شِدِّي حيلِك يا بَلَد مِن شَيخِك حتَّى الوَلَد))
فَقَدتُ مَذاقَ الرُّمّانِ وصُوَرَ حَبِيبَتِي الأُولى
وضُوءًا يُراقِصُ غُرفَتِي الشَّرقِيّة بِشَمعَتَين
وأَشجارَ الحُورِ الَّتِي تَجُرُ وراءَها مَدائِحَ الظِّل
فَعَلامَ تَلُومُنِي الثُّقُوبُ القادِمةُ مِن دَمِي ؛
تِلكَ الَّتِي تَهُـزُّ الشِّباكَ فِي رأسِي كُلَّ لَيلة
أَبحَثُ عَنها في شَهِيّةٍ كُتِبَتْ بِخَطٍّ رَدِيء
يا لَ الرَكاكةِ أمامَ ذاكِرَةِ الظَّمأ
تأخَّرَ الوَقتُ وانكَسَرَتْ الكأسُ بِالثَّلج
ماذا سأفعَلُ بالشُّرُودِ وأنا أَرجِعٌ مِنَ العِشق ؟!
عادَةً ؛ الأُمورُ تَبدأ بِشَجَرَة
وتَنتَهِي بِمَوتِ الشّاعِرِ فِي القَصِيدة
لا فَضلَ لِأبِي نوّاسٍ عَلَى سوزان برنار…
إلا بِمُكَعَّباتِ السُّكَّر والنَّمَش
رِجالُ بودلير يَتَلًصَّصُون فِي قاعِ المَحبَرَة
واللَّيلُ المُسَلَّحُ بِعِطرِك يُشاغِبُ وَردَ الخَيال
وكأَنَّ الرِّيفيرا لا تَسبَحُ إلا فِي العُيُونِ العَسَلِيّة
هَذا ما تُؤَكِّـدهُ مُعاهَدَة جنيف
أَهِيمُ مُتَكِأً هَوايَّ
أَزجُرُ عَينِي فِي مَحَطّةِ باص …
بَرِيئًا مِنَ المُفَخَّخاتِ الوَشِيكة
أَهِيمُ بِباقةِ نَردِين مَلفُوفَةٍ بِخِصلةٍ مِن شَعرِك
أَنا لا أَهرُبُ مِن شَيءٍ يَـخُصُّكِ
مُستَعِدٌ لِكُلِّ شَيءٍ بِقَلَمِ الرَّصاص
مُستَعِدٌ بِجَناحَينِ مَفتُوحَتَين
لن يَعرِفَنِي أَحَد
الفَجرُ الباسِقُ بِبابِي
واِسمُكِ الأَحمَر يَهرُبُ فِي شَرايِيـنِي
أَغرَقُ كَحَجَرٍ بَنَفسَجِي
وعَيناكِ تَفضَحانِ تَشابُكَ الظِّلال
أَمُدُّ يَدِي فِي مَراياكِ المُتَحَرِّكة ؛
لِتَكُونِيّ تُفاحةً قُرمُزِيّة
وَوَطَنًا عَذبًا فِي كُؤُوسٍ مِن خَزَف
هَلّا تأَمَّلتِ دَمَكِ الأَبيَض الصّافي
هَلّا تأَمَّلتِ استِدارَةَ وَجهِي
أَقصِدُ ؛ الشِّراعَ الأَسمَرَ المُرتَبِك
أَقصِدُ المَوجَ المُحَملِّقَ في اِتِّجاهَين
لَكَمْ اَشتَهِيّ جَنّةً تَسِيلُ مِن أَدَقِ التَّفاصِيل
أَقطُفُ مِنها أَمطارَ نَيسان حَتَّى مَطلَعِ الفَجر
الآنَ ؛
أُرِيدُ أَن أَمنَحَكِ كُلَّ اِنتِصاراتِي
وَرَسائِلَ ال”أندروييد” المَجِيد
وعَبِيرَ الزَّعتَرِ الجَبَلِيّ المُفعَمِ بِالرَّياحِين
وقُبلةً صافِيّة تَفُوحُ فَوقَ الطّاوِلة
شُكرًا لِأَدَبِ ال”فَنتازيا” ولِلغَباءِ المُفِيد
شُكرًا لِوَرَقِ الهَدايا ولِبُرجِ الغَزال
شَكارَى كانَتْ مِن البِلاستِيك
شَكارَى كانَتْ لا تُزَقزِق
وَضَعتُ ما تَبَـقّى مِنَ التِّرحالِ فِي مَزهَرِيّة
خَلَعتُ بِنطالِي دُونَ خَدش
وتَرَكتُ جَسَدِي يَنطَفِئُ بِالمَاء
لَكِنَّهُما سَيَلتَقِيان مَعِي فِي المَساء …
إن لَمْ أَخسَر الرِّحلَةَ مَع سَفِينةِ نُوح
الله الله ؛
كَمْ كَبُرنا يا شَقائِقَ أَيُوب
لِكُلِّ هَذا ؛ أَرفَعُ لَيلِي بِهُدُوء
أَرفَعَهُ مُسَجَى كالدُّود …
اِحتِرامًا للسَيِّد بُوشكين
بُوشكين الَّذي نَكَـزَ الجُرحَ بِخَيطِ الحَرِير
يَحيا بُوشكين الَّذِي حَفَّزَ الأَدرينالين
تَثاءَبَ كُرسِيّ الخَيزَران وَنام
دَلَقَ سَطلَ الحَلِيب… !