سياسة المحاور بين العواصم العربية التي نشهدها الان ليست جديدة ، فربما تعود الى الثلاثينات من القرن الماضي . وبالطبع كانت تشكلها مصالح الحكام وتغذيها الدول الاستعمارية وخاصة بريطانيا وفرنسا .وقد ظهرت جلياً في الأربعينات ، ابّان مرحلة تأسيس جامعة الدول العربية .
اهم هذه المحاور : ١ ) محور القاهرة – الرياض . ٢ ) محور بغداد – عمان . اما دمشق ، فكانت تتأرجح بينهما ، حسب الحزب الحاكم في سوريا ، فمثلاً حزب الشعب وتتمركز قيادته وشعبيته في حلب وما حولها ، اكثر ميلاً للمحور الثاني ، اما الحزب الوطني يتمركز في دمشق ومناطقها ، فكان يدعم المحور الاول .
وكان لهذه الحرب الباردة بين المحورين اثرٌ كبير على مسيرة الحركة الوطنية في فلسطين . فالحزب العربي في فلسطين المعروف بالمجلسيين نسبة الى المجلس الاسلامي الأعلى ( الحاج امين الحسيني ) كان يدعمه المحور الاول ، بينما المعارضة ( حزب الدفاع الوطني ) بزعامة راغب النشاشيبي ، يدعمه المحور الثاني .
هذه السياسة للاسف انعكست اثارها السيّئة على سلامة مسار الحركة الوطنية في فلسطين . وباختصار فكانت سبباً هاماً في اجهاض الثورة الكبرى في فلسطين (١٩٣٦-١٩٣٩) حين انصاعت قيادة الثورة لنداء الحكام العرب في اكتوبر ١٩٣٦ وأوقفت الثورة بناء على وعد الحكام بان صديقتهم بريطانيا وعدت بتلبية مطالب الثورة حين تهدأ احوال اوربا .
وحين تأسيس جامعة الدول العربية ، كانت هذه المحاور عامل أساسي في اضعاف بنية الجامعة وإجهاض فاعليتها ، وذلك بشرط الإجماع في إصدار القرارات ، وهكذا ولدت ميّتة او مشلولة شللاً أبدياً .
والنقطة الاخيرة في هذه الحلقة هي ، دخول او تدخل القوات العربية لإنقاذ اخوانهم عرب فلسطين والمحافظة على عروبتها . هو سباق بين المحاور لكبح كلٍّ منهم الاخر ، من التوسع وتقوية نفوذه في فلسطين وحتى لا ترجح كفة احدهما على خصمه . وللاسف كانت اثار ذلك على ارض المعركة وبالاً على فلسطين وشعبها ، وما نزال وسنظل نعاني منه الى ان نفيق من غفلتنا او تندثر المحاور والتي ازدادت شراسةً خلال الثلاثة
عقود الاخيرة
المصدر : https://www.palumedia.eu/?p=20853