لاحظت اليوم ان معظم المنشورات ( البوستات ) في غزة عن حماس وفتح والانقسام بين القطاع والضفة ، ونتائجه السيئة على الحركة الوطنية.
اما انا فسأعود الى فلسطين قبل سبعين عاماً او يزيد ، فربما تتعلم الأجيال من اخطاء او خطابا الماضي كما ذكرنا أرسلت الحكومات العربية جيوشها لإنقاذ فلسطين من المخطط الصهيوني ومجازره. ولكنهم دخلوها متفرقين ودون ادنى درجة من التنسيق ، لان كلاً منهم كان له اغراضه ومطامعه.
ولذلك وبالرغم من تحقيق بعض الانتصارات وعلى ثلاث جبهات في الأسبوعين الأولين : في معركة اسدود ( الجبهة المصرية ) وفي معركة جنين ( الجبهة العراقية ) وفي معركة اللطرون ( الجبهة الأردنية ) الا انهم فشلوا في استثمارها ، بل على العكس، نجح الصهاينة في إيقاف هذه الجيوش عن التقدم متراً واحداً . ففي الجنوب كانت قرى يبنا والمسمية وبيت دراس على مرمى الحجر ، وقطع أهلها الأمل فهاجروا لعدم وجود السلاح اللازم في أيديهم .وكذلك كان الجيش العراقي في طولكرم عَلى بعد ١٠ كم من شاطيء البحر المتوسط ، وكذلك الجيش الأردني كان قريبا من باب الواد الموقع الذي يتحكم في طريق القدس – تل ابيب .
وظلّ الحال هكذا من فرقة ، حتى فرض مجلس الأمن الهدنة الاولى ، وخلالها ازدادت اسرائيل تسلحاً وتدفق عليها اليهود من اوربا وأمريكا والتحقوا بالجيش ومعظمهم مدربون وقد شاركوا في الحرب العالمية الثانية ، وهرّبوا الأسلحة من اوروبا ، اما الدول العربية والتي كانت كل اسلحتها من بريطانيا وفرنسا خضعوا لقرار منع تصدير الأسلحة من هذه الدول ، فحاولوا شراء الأسلحة من إيطاليا وغيرها ، والحديث طويل في هذا الباب (قضية الأسلحة الفاسدة ) وشراء الذمم والجهل بأنواع السلاح وجودته ، بل واحياناً الوقوع ، في حبال عصابات تجار السلاح ، فريسة سهلة.
وحين انتهت الهدنة ، واستؤنف القتال لعشرة ايّام ، استولى اليهود على اكبر مدينتين عربيتين هما اللد والرملة في ١١ تموز ١٩٤٨ ، وما ادراك عن المذابح والمآسي التي لحقت بالسكان وهجرتهم مشياً على الأقدام تحت وابل من الرصاص وقصف المدافع . وكذلك حدث مع ٣ قرى وهي : جبع واجزم وعين غزال على الجبهة العراقية ، هاجر سكانها الى العراق ، . اما على الجبهة المصرية فقد فشلوا في محاولة استرداد بيت دراس وجولس ، ولهذه قصة طويلة فيها مهزلة عسكرية ( نعود لها لاحقاً ).
وبعد ذلك فرضت هدنة اخرى التزم بها العرب ، واستغلها اليهود وفيها ضاعت اجزاء اخرى بلا ثمن ( عالبيعة كما يقول المثل ). وقصتها طويلة في الحلقة القادمة ان شاء الله .
المصدر : https://www.palumedia.eu/?p=20914