بقلم : ماهر دريدي
لطالما كان تأسيس جالية فلسطينية في برلين يشّكل هاجساً وحلماً لكل فلسطيني يعيش في العاصمة الإلمانيّة برلين والتي ترواحت بين المدّ والجزر حيناً ، وبين الدوران في حلقة مفرغة حيناً آخر، ونتيجة هذه المحاولات المحبطة التي قد أحبطت المواطن الفلسطيني وجعلته بمثابة المتشائل الذي يرددُ دائما” ماراح تزبط”، ولكن ما هي الأسباب التي أوصلت الفلسطيني إلى هذا الحال؟
منذ بداية المحاولات التي سمعنا بها والتي لم نسمع بها كانت ترتكز فكرة المبادرة على تأسيس جالية فلسطينية يتولاّها مجموعة أفراد أو مؤسسات محسوبون على التنظيمات الحزبيّة التي تعتبر نفسها نواة الجالية، والأغرب من ذلك أن هذه المجموعة لا تتفق مع المجموعات الأخرى بشيء وحتى المجموعات الأخرى تبدأ بطرح مبادرة أخرى نكاية بالمجموعة الأولى لغاية في نفس يعقوب.
والظاهر أن الشيء المشترك الذي يجمع كل المجموعات المبادِرة هو التخريب ونسج المؤامرات وترويج سياسة فرّق تسد، نقولها بوجع وعين تبكي على هذا الحال الذي وصلنا إليه.
الجالية التي ينبغي أن تُشكّل يجب أن يكون قوامها هم الشباب، والأفكار التي تُطرح في برامج الجالية تأتي كلها من الشباب، والذي يقود الجالية ينبغي أن يكون من الشباب. وبين كل ما ورد أين هم الشباب الذين تمت دعوتهم ليكونوا جزءاً من مبادرات التأسيس؟
من هم الشباب الفلسطيني المقصود في قيادة الجالية الفلسطينيّة؟
هل هم الشباب القادمون من فلسطين أو من الشتات أو القادمون من أوروبا أو القادمون من الدول العربية ام المولدون هنا، ماذا نعرف عنهم ولماذا لا ندعوهم ليكونوا في كل حاضرة وغائبة، ألا ينبغي علينا أن نتخذ منهم الدعامة والقاعدة التي يمكن أن يبنوا ويحملوا على اكتافهم مسؤوليّة التأسيس كونهم ولدوا هنا وكونهم متمكّنين من لغتهم الألمانيّة ، ومن سيكون حلقة الوصل بين جاليتنا والطرف الآخر من الساسة الألمان و غيرهم؟
لماذا يتم تجنبّهم في كل مرة يتم الدعوة الى طرح مبادرة و تأسيس جالية؟
كيف يمكن لفاقد الشيء أن يعطي الجالية برامج عمل وأفكار للجالية التي في النهاية جاءت لتقدّم لشعبنا الفلسطيني خدمات على جميع الأصعدة.
ألم يحن الوقت أن يتخلّى أصحاب الفئوية وأصحاب المصالح الحزبيّة الضيّقة عن أنانيتهم المفرطة وترك مسألة الجالية إلى غيرهم؟
لماذا في كل مرة تتكرر نفس الوجوه ونفس الأشخاص هم من يتوّلون طرح المبادرات وهم نفسهم من يفشلونها؟
لقد تغيّر الزمن وتغيّرت طريقة العمل هنا وهناك، وأصبح العمل المؤسساتي يطبّق عن علم ودراسة ولا يتم العمل في عفوية وعلى السبحانيّة فهذه ليست هي القاعدة في العمل. فالمكان هنا في برلين ونحن على مشارف عام 2022 ولا نعمل بأساليب عام 1985 وأساليب عمل أكل الدهرُ عليها وشرب ، أعتقد أن هذه النقطة مهمّة وينبغي أخذها بعين الإعتبار.
هناك آلاف الشباب في مدينة برلين ومنهم النخبة ونخبة النخبة هم أيضا لهم الحق في أن يقرروا سياسة العمل في الجالية وأن يقودوها، بكل مسؤوليّة وحريّة و وفق القانون الألماني، ولهم الحق في رسم سياسات الجالية، وبدون عنصريّة وبدون تفرقة أنّ هذا من الداخل أو الخارج أو من الوسط أو من المريخ، فجميعنا أبناء هذا الشعب الفلسطيني تجمعنا رابطة الوطن الواحد وهمّ الوطن الواحد يجمعنا في بلد المهجر.
آن الآوان أن يتم هدم الأفكار الآيلة للسقوط وتوجيه الدعوة إلى الشباب لمسك زمام الأمور، وآن الآوان لكل من ساهم في إحباط هذا المشروع الوطني أن يتنحّى جانباً ولا يتدخل في أمور الجالية من قريب أو بعيد وما عليهم سوى الدعاء بالتوفيق وتقبّل الله منّا ومنكم العمل الصالح لوجه الله تعالى.