تتعرض الأمة العربية والاسلامية إلى هجمة شرسة من قبل الغرب الأوروبي ـ الصهيو أمريكي، هذه الهجمة تستهدف التاريخ والحضارة الإنسانية العريقة. التي نشأت في المنطقة على الأرض العربية. كما تستهدف التراث والفكر والثقافة العربية والإسلامية. من خلال ما بات يعرف بعلمنة العالم وتسليعه خدمة لأهدافهم حيث انه لم يعد خافياً على أحد ما تخطط له وما تمارسه الدوائر الغربية من تهديم لكل هذه المقومات. وللأسف فقد انتشرت العديد من الدراسات والكتب التي ساهمت وتساهم في هذه الهجمة والتي تدعو بمجملها إلى أن هذه المنطقة قد سكنتها أقوام غير عربية ، وأن هذا التراث وهذه الحضارة وهذه الأرض كانت مقر سكنى لغير العرب عبر التاريخ. كما شهدت الساحة الثقافية العربية سجالا حاداً حول اثر هؤلاء في تدمر ودورهم في بناء الحضارة التدمرية. وكل تلك الدراسات كانت تصب في مجملها بهدف تهديم كل ما نعتز به من تاريخ وحضارة ودين وثقافة عربية وإسلامية عريقة.
لقد سرقت القوات الأمريكية ومن معها الآثار التاريخية والشواهد الأثرية في العراق، ونهبت المكتبات وأخفت آلاف المخطوطات الهامة. في خطوة لمحو تاريخ وثقافة وعراقة العراق والأمة العربية. وكتاب أسماء الأمكنة في تدمر وباديتها «معجم تاريخي جغرافي» للباحث المتميز أحمد مثقال قشعم يأتي رداً بشكل غير مباشر على كل أفكار ومفاهيم التزييف والتزوير ، ومحو كل ما يخص المنطقة. فمن خلال هذا السفر الهام يؤكد الباحث أحمد قشعم على عروبة الأمكنة في تدمر وباديتها وأصالتها مؤكداً أن تاريخ المنطقة وجغرافيتها هو تاريخ عربي أصيل فقد استهل كتابه بمجموعة كبيرة من الخرائط كتاب بمجموعة كبيرة من الخرائط والمخططات لسورية وموقع تدمر منها إضافة إلى خرائط تمثل الآثار التاريخية في سورية وأهم مواقع ما قبل التاريخ في سورية إضافة إلى خارطة تمثل طرق القوافل في سورية. وهناك خرائط عديدة تبين بالتفصيل المنطقة الجنوبية الشرقية البادية والحماد. الخ… مرفقة بشرح مسهب عن تضاريس محافظة حمص والتي تتبع تدمر لها، التي تضم سهول حمص وما غربها. ومنطقة جبال وسط محافظة حمص وما بينها، ومنطقتي الفيضات والحماد، وقد ذكر الباحث أحمد قشعم بتفصيل شديد أهمية هذه المواقع وعروبتها مثل جبال الأبيض، الضّليل (غربي تدمر) وعصب، يتيمة، مقيبع، المنشار. إضافة إلى الحديث عن السلاسل التدمرية الجنوبية وجبلي روس الطوال والمزيبلة وامتدادات جبل البشري وحوضتي الدوة والفرقلس. كما أسهب في الحديث عن جبال وسهول ووديان أبو رجمين حيث قال: (قطعت المجاري المائية بأوديتها المتعمقة جبل أبو رجمين إلى عدة جبال هي : جبل البويضة في الشمال 1354م ، وجبل قلعة جابر في شماله الغربي 1352م ، وجبل الشعرة 1247م، في جنوبه الشرقي، وجبل الدفاعي، وجبل بير الصيّاح في شماله الشرقي 1326م، تأثر كل من جانبه الشرقي وجانبه الجنوبي بفالقين كبيرين عدا الفوالق الثانوية مما أدى إلى نهوض طبقات في الشرق وميلها نحو الجهة المعاكسة. كما في جبل بير الصيّاح الذي يشرف بانحدارات شديدة على هوّة فالج ثنية الهوا، وأخذ جبل الشعرة شكل مائدة ناهضة (هورست).
لم يغفل الباحث الحديث عن العمران في منطقة تدمر وما وراءها مثل خنيفيس والصوانة (الشرقية) والمحطة الثالثة وقصر الحير الشرقي الذي اعتبر كمحطة صحراوية متقدمة أيام الأمويين، حيث كان حصناً تدمرياً قبل أن يأمر الخليفة عبد الله بن هشام بتشييده على النمط الأموي على يد سليمان بن عبيد من حمص عام 110 هـ .
لقد ذكر الباحث قشعم في كتابه الهام العديد من الخانات والقصور الواقعة على امتداد طريق ديوقليسيان القديم مابين خنيفيس وتدمر مثل خان قصر الحلابات وقصر السكري وحصن البخراء. كما تحدث عن حوالي مئة وأحد عشر معلماً من معالم البادية التدمرية ليؤكد من خلال أسماء هذه المعالم أنها عربية الأصل والجذور، كما قام بتوصيف 35 موقعا من ال 111 معلماً من البادية مثل بادية السماوة، سوى، وقصر صواب، ووادي المياه الخ…ـواللافت في كتاب أسماء الأمكنة في تدمر وباديتها أن الباحث استفاض في الحديث عن الطريق الذي سلكه خالد بن الوليد إلى معركة اليرموك وبيّن بعض الإشكاليات التي وقع بها المؤرخون والباحثون والدارسون لهذه الطرق بسبب كثرة المواضع وتشابهها أحياناً بالأسماء، وأحياناً أخرى بتقارب الحروف بين المسميات. لذلك كان معجم الأمكنة للباحث أحمد قشعم قد تجاوز الكثير من تلك الأخطاء، وقد أفرد لمعجمه «معجم الأمكنة» منهج الألف باء.
الجميل في الأمر أن الباحث قشعم لم يغفل الحديث عن الكتابة التدمرية وقد زودنا بالعديد من النقوش والكتابات التدمرية العربية العريقة. كما أن كتاب أسماء الأمكنة في تدمر وباديتها «معجم تاريخي جغرافي» الذي صدر عن دار الإرشاد في حمص عام 2006 قد ذكر لنا ما ورد في هذه الأمكنة من أشعار أو روايات وما جرى فيها من أحداث تاريخية وقد احتلت مساحة كبيرة من الدراسة. مسترشدا بحوالي 96 مصدرا وأحد عشر مرجعا هاما. من هذه المصادر والمراجع أساس البلاغة للزمخشري، والعباب الزاخر واللباب الفاخر للجوهري، ومعجم البلدان لياقوت الحموي، ومعجم ما استعجم للبكري، والأمكنة والأزمنة للمرزوقي، وخزانة العرب ولب لباب لسان العرب لعبد القادر البغدادي. الخ….
إن كتاب أسماء الأمكنة في تدمر وباديتها «معجم تاريخي جغرافي» لم يكن ليظهر لولا الدافع الوطني والقومي للباحث المتميز أحمد مثقال قشعم. إضافة إلى دافع المحافظة على تراثنا وحضارتنا الإنسانية العريقة التي نعتز بها أيما اعتزاز. وليرد على أشكال التغريب والتهويد التي تجري ضد الوطن العربي بعامة وفلسطين وسورية بخاصة. لم يكن كتاب أسماء الأمكنة في تدمر وباديتها الوحيد الذي سار في هذا الاتجاه بل سبقه سفر من أسفار التاريخ العربي المجيد كان المولف أحمد قشعم قد أصدره عام 2004 في ثلاثة أجزاء تحت عنوان (البلسم الشافي في تاريخ تدمر الوافي« دراسة وتأريخ» ) وكل جزء مؤلف من حوالي أربعمئة صفحة. كما أصدر مجموعتين شعريتين الأولى بعنوان (ظلال النخل) عن دار المعارف في حمص عام 2003 ومجموعة شعرية ثانية بعنوان (المستثنى بإلا) الصادرة عن دار الإرشاد للنشر بحمص العام الماضي 2006.
عنوان الكتاب: أسماء الأمكنة في تدمر وباديتها «معجم تاريخي جغرافي»
مؤلف الكتاب: أحمد مثقال قشعم
عدد الصفحات:353 من القطع الكبير
إصدار: دار الإرشاد للنشر ـ حمص
أسماء الأمكنة في تدمر وباديتها ،، بقلم : عماد خالد رحمة

المصدرالكاتب للمركز الفلسطينى الأوروبى للإعلام