أخلاق السياسة أم سياسة الأخلاق! ،، بقلم : ماهر دريدي

21 أكتوبر 2021آخر تحديث :
أخلاق السياسة أم سياسة الأخلاق! ،، بقلم : ماهر دريدي

هناك من يؤمن إيمانا تامّا أن أي شخص يستطيع الحديث عن السياسة كيفما شاء ومتى أراد ضاربا القواعد والضوابط بعرض الحائط، فتراه يتكلّم كلاما غير قانوني أو يخلط الحابل بالنابل من باب أنه سياسي يفهم بكل شيء ويحق له أن يتصرف كما يريد.
السياسي هو فنّان يلمّ بتفاصيل العمل السياسي وضوابط المهنة، واخلاقها أيضا، نعم الأخلاق ركن من أركان السياسة!، فكيف يقوم السياسي بنقل مطالب الناس وهمومهم إذا لم يكن لديه أخلاق ؟
تعالوا لنقف عند هذه الحكمة القادمة من الأدب التشيكي لوصف الحال والأحوال:
‏”في إحدى الغابات أعُلِن عن وظيفة شاغرة لمنصب أرنب، لم يتقدم أحد غير دبّ عاطل عن العمل، وتم قبوله وصدر له أمر التعيين، وبعد مدة لاحظ الدب أن في الغابة أرنب معيّن بدرجة وظيفية (دب) ويحصل على راتب ومخصصات وعلاوة دب..‏ أما هو فكل ما يحصل عليه مخصصات أرنب!
تقدم الدبّ بشكوى إلى الإدارة وحُوِّلت الشكوى إلى الإدارة العامة، وتشكلت لجنة من (الفهود) للنظر في الشكوى، وتم استدعاء الدبّ والأرنب للنظر في القضية..
‏طلبت اللجنة من الأرنب أن يقدم أوراقه ووثائقه الثبوتية، وكل الوثائق تؤكد على أن الأرنب دبّ.
‏ثم طلبت اللجنة من الدبّ أن يقدم أوراقه ووثائقه الثبوتية كل الوثائق تؤكد على أن الدبّ أرنب!
‏فجاء قرار اللّجنة بعدم إحداث أي تغيير لأن الأرنب دبّ والدبّ أرنب بكل المقاييس والدلائل..
‏لم يستأنف الدبّ قرار الّلجنة ولم يعترض عليه..
‏وعندما سألوه عن سبب موافقته على القرار أجاب:
“‏كيف اعترض على قرار لجنة الفهود التي تشكلت من مجموعة حمير، وكل أوراقهم تقول أنهم فهود”. انتهي الاقتباس
الذي يريد أن يكون سياسيّا يجب عليه أن يتحلّى بأخلاق المهنة السياسيّة، فالعمل السياسي وجد من اجل بناء المجتمع والمواطن وليس من أجل تدميرهما ونشر الشائعات وتشويه صورة الاخرين ظنّا منهم أنهم محنّكون سياسيّا، ويجب أن يفعلوا ذلك من باب أنهم سياسيّون أفذاذ متناسيين ربما أنهم من لجنة الفهود التي تحكم الغابة، فالأخلاق أولّا والسياسة ثانيا وليترك مدّعوا مهنة السياسة وليبحثوا عن مهنة أخرى غير السياسة والإعلام، ورحم الله إمرئ عرف قدر نفسه.

المصدر: الكاتب للمركز الفلسطيني الأوروبي للإعلام

عاجل
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لمنحك أفضل تجربة ممكنة.
موافق